الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

أخريبيش رشيد
جا يكحلها عماها
منذ أن أسندت مهام وزارة التعليم ،لمحمد الوفا ونحن نسمع عن تصريحاته المثيرة للجدل،في ما يتعلق بمنظومتنا التعليمية،فالرجل لم يكتف باتخاذ قرار إلغاء بيداغوجية الإدماج،ولم يكتف بربط  فشل التعليم بسياسات من سبقوه، بل تعدى كله ذلك إلى اعتبار أن زمنه سيعيد  للمدرسة المغربية مكانتها وهيبتها ،ويعيد للمدرسة العمومية أمجادها،لكن السؤال الذي يطرح نفسه،والذي أمامه علامة استفهام ضخمة هل يمكن لمحمد الوفا أن ينجح في كل تلك الوعود، لتحقيق ما لم تستطع حكومات سابقة تحقيقه على مر السنين؟أم أن تصريحات الوفا كغيرها من تصريحات سابقيه ممن توالوا على وزارة التعليم، يراد من خلالها تمويه  المواطن المغربي،وجعله يعتقد أن المدرسة المغربية بخير؟
لا يبدو أن تصريحات السيد وزير التربية،التي أقامت الدنيا ولم تقعدها،غيرت أو ستغير بالأحرى شيئا من الخارطة التعليمية في المغرب،فالوزير الذي ما فتئ يتحدث عن نيته في إصلاح التعليم،والحنين إلى زمن الأمجاد،لم يغير على ما يبدو من السياسة المنتهجة من قبل الحكومات السابقة،والتي كانت تعد الشعب المغربي،بمستقبل زاهر،فيما يخص جودة التعليم،والارتقاء به نحو التقدم.فالمشاكل التي تتخبط فيها منظومتنا التعليمية،والتي لا نرى أي من المحاولات للتقليص منها ،هو ما يبين أن زمن الوفا وزمن من سبقه هونفسه،وأن من حسبناه قائد صيد،أصبح قائد قيد،ربما يكون من الخطأ أن نحكم عن سياسة الحكومة الجديدة التي لا زالت لم تحقق ولو وعدا من تلك الوعود التي قدمتها،منذ توليها المسؤولية ،غيرالإنتقام من رجل التعليم ،والنيل منه وجعله المتهم الرئيس حول فشل منظومتنا التعليمة ،بعد إلغاء بيداغوجية الإدماج،والتي كلفت الدولة الكثير ،لا من حيث الأموال التي أنفقت في ذلك،ولا من حيث البيداغوجية كموضوع،والتي طبعا لا تتناسب وظروف منظومتنا،سارع السيد الوفا ،إلى إلغاء ثانويات التميز التي تلتها احتجاجات غاضبة،جراء هذا القرار الذي فاجئ الكثيرين،فمشكل منظومتنا التعليمية ليس في البيداغوجيات ولا في ثانويات التميز،ولكن المشكل يكمن في السياسات المتبعة منذ فجر الاستقلال ،والتي أهملت قطاع التعليم ،وجعلته قطاعا ثانويا في الوقت الذي كان عليهم ،جعله من بين الأوليات ،وإعطائه اهتماما واسعا لما يحمله من وزن ، إلى جانب قطاع الصحة،خلافا للقطاعات الأخرى. إذا كان السيد الوزير يريد بالفعل أن يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية،وزرع الثقة في أبناء هذا الوطن ،وتشجيعهم على العودة إلى المدرسة العمومية،التي ربما هجرت حجراتها بسبب ظلم من لم يكن عند قدر المسؤولية،وبدأ بالتشجيع على الخوصصة،وإهمال المدرسة العمومية،التي أنتجت أجيالا نحن للعودة إليها،بدل أن يتخذ السيد وزير التربية الوطنية قرارات الإلغاء،كان عليه أن يحل تلك المشاكل المتعلقة بالتعليم أولا،ثم بعد ذلك يمر إلى تلك الإلغاءات،نحن لا نشك بقدرات السيد الوزير،ولا نشك في نيته نحو إصلاح المنظومة التعليمية،ولكن نحاول أن نبين للسيد الوزير ،أن هناك مهمات أكبر،وأولويات أكبر من قرارات الإلغاء، فالسيد الوزير الذي يطلق تصريحات نارية،في ما يخص التعليم ورجال التعليم ،يبدو أنه فشل في بداية الطريق،فعوض أن تقوم الدولة بإصلاح المدرسة المغربية،وتحسين بنيتها التحتية،وتحسين ظروف رجال التعليم،تطلعنا الوزارة بزمرة من القرارات التي كان عليها التريث في اتخاذها.والعمل على حل المشاكل الأساسية التي تعود بشكل سيء على المنظومة التعليمية،التي وصلت إلى مرحلة مخيفة بعد الأرقام والإحصائيات،التي تمت في هذا المجال و التي صنفت المغرب في وضع لا يحسد عليه،كنا ننتظر من السيد الوفا أن يتخذ قرارات شجاعة فيما يخص التدابير المستعجلة التي يمكن اتخاذها ،لإعادة الأمل المفقود على الأقل،لكن لم نسمع من السيد الوزير إلا الوعيد والتهديد، للأطر التعليمية ،والاتهامات التي يطلقها على وزراء سابقين ،والتي لا تنفع ولا تضر،وتزيد الوضع استفحالا .
في هذه الأيام أطلعتنا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ،بتصريح أكثر غرابة من  التصريحات الغريبة الأخرى،والمتعلقة بقرار الذي أصدرته وزارة التربية والتعليم ،والذي يهدف إلى استدعاء رجال ونساء التعليم الذين أحيلوا على التقاعد وذلك من أجل الاستعانة بخبراتهم فيما يخص التكوين والتأطير في مراكز التكوين. على أن يؤدوا تلك المهمة مجانا.كيف يمكن لمن من أفنوا عمرهم في التدريس،واشتعل رأسهم شيبا ،وتمنوا تلك اللحظة التي كانوا يحلمون بها،من أجل الاستمتاع بقسط من الراحة،أن يعودوا إلى العمل المجاني ؟نحن لسنا ضد المبادرات، ولسنا ضد من يعمل من أجل مصلحة هذا البلد،ولكن هناك أسئلة معلقة عند المغاربة،وتحتاج إلى أجوبة شافية وعاجلة،كي يتسنى لهم فهم ماذا يقع بمنظومتهم التعليمية.من الأشياء  الغريبة التي يمكن لنا ملاحظتها ورصدها في عمل الحكومة الجديدة،هو تضارب في الرؤى والمواقف بين الوزراء المغاربة، فمرة نسمع عن الحكومة قد خصصت مناصب شغل للأطر العليا،ومرة نسمع عن وزير التربية الوطنية يتأسف عن التوظيفات المباشرة التي حصلت،ويعتبرها خطأ فادحا لن يتكرر مرة ثانية،فالمواطن المغربي ،لم يعد يفهم الحكومة الجديدة،ولم يعد يفهم سياستها فيما يتعلق بإصلاح المنظومة التعليمية،فكم من بيداغوجيات قد اعتمدت، وكم من قرارات اتخذت ،وكم من أمول أنفقت،دون أن نرى أي تغيير يذكر،اتهامات في اتهامات يكون بطلها الرئيس رجال ونساء التعليم.ولتعلم الحكومة المغربية،وليعلم السيد الوفا أن رجال ونساء التعليم ليست لديهم عصا سحرية،لتقديم نموذج تعليمي راق لوحدهم، فالمسألة لا تخص طرفا دون الآخر إنما تتطلب تظافر الجهود والعمل تحت شعار جميعا من أجل مدرسة النجاح،ليست مدرسة النجاح التي جاءت مع عهد حكومة آل الفاسي،ولكن مدرسة النجاح التي تعيد الاعتبار،للتلميذ والأستاذ والمدرسة ،وتعيد زرع الروح في المغاربة من جديد.

 5/4/2012

0 تعليق على موضوع " "


الإبتساماتإخفاء