لماذا اختار الدراري أن يموت دفاعا عن التنظيم الإرهابي

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
 21/05/2016
لماذا اختار  الأستاذ مراد دردري  الانضمام إلى صفوف داعش ؟ولماذا قرّر أن يموت دفاعاً عن هذا التنظيم ؟

كثير من الأساتذة يلتحقون بداعش ،وكثير منهم انضمّ  إلى صفوف  التنظيم الإرهابي الذي يسيطر الآن على مساحات واسعة من العراق وسوريا، والبعض  من هؤلاء الأساتذة لقي حتفه في تلك المعارك،  كل ذلك يحدث أمام أنظار وزارة التربية الوطنية ، وأمام أنظار الحكومة المغربية، لكن لا أحد قد  فتح النقاش حول هذه الظاهرة التي أصبحت تتنامى بشكل كبير في صفوف الأساتذة، وفي صفوف رجال التّعليم الذين يتركون البلاد من أجل الذهاب إلى بلاد حيث الدماء تسيل والأرواح تسقط.
كل يوم يأتينا خبر هؤلاء الشّباب الذين يلتحقون بداعش، لكنّنا لم نتساءل عن السبب الذي يجعل هؤلاء يقدمون على تلك الخطوة الخطيرة ،خاصّة وأنّ هؤلاء أساتذة ولهم من العلم ما يجعلهم يفكّرون ويميزون  قبل الإقدام على ذلك ؟وما الذي يجعلهم يُعرِّضون حياتهم للخطر كما شاهدنا مع زميلنا الأستاذ مراد درداري الذي كان قد التحق بصفوف التنظيم الدولي والذي قتل في ساحة المعركة ؟
وزارة التربية والتعليم والدولة المغربية بشكل عام منذ عقود من الزمن وهي تستعبد الأساتذة، ومنذ عقود وهي تحاول تركيعهم بكل ما تملكه من وسائل، ومنذ أمد بعيد وهي تمارس عليه كل أنواع العنف وكل أنواع الممارسات التي لا تليق بهؤلاء ولا بمنزلتهم، ومنذ مدّة وهي تصدر قرارات مجحفة تطال هؤلاء وتطال كرامتهم دون أن تسأل نفسها عن تداعيات ما تقوم به، ولا عن نتائج ذلك الفعل الشنيع الذي اتخذته في حقهم والذي نؤدي ثمنه الآن.
لماذا اختار  الأستاذ مراد درداري أن يغادر أرض الوطن ؟ ولماذا ترك وظيفته حيث كان يعمل أستاذا في قطاع التربية والتعليم ؟ ولماذا التحق بداعش؟ ثم لماذا قرر أن يموت في سبيل تنظيم إرهابي مجهول لا يعرف أحد من كونه ولا من موله، ولا يعرف أحد نواياه إلى حدود الآن.
الأستاذ مراد كغيره من الأساتذة المقصيين  من الترقية والذين كانوا يرابطون في الرباط، طاله بطش وزارة التربية، وطالته أيادي الحكومة المغربية وعانى كغيره الأمرّين مع سياسات عشوائية كانت وزارة التربية قد نهجتها في حق الأساتذة  ،تعرّض للتعنيف من طرف الأجهزة الأمنية ،تعرّض للتنكيل عندما كان يطالب بحقوقه المشروعة ،تم توقيف أجرته لأزيد من عام ، تعرض للمجلس التأديبي إثر ممارسة حقه في الإضراب الذي يخوله له الدستور، والتحاقه بداعش والانضمام إلى صفوف هذا التنظيم ، ربما يكون نتيجة لذلك القمع، ونتيجة  وذلك التنكيل ونتيجة لذلك العنف الذي  تجرعه خلال مسيرته النضالية في الرباط هو وزملاؤه الذين كانوا يناضلون من أجل تحسين ظروفهم .
مراد غادر بلده مكرها ،غادر وطنه و مهنته بعدما وجد أن الوطن لا وجود فيه للعدالة ولا للإنصاف، غادر البلاد بعدما وجد أن هذه  البلاد  أصبحت فريسة في يد المفسدين الذين عاثوا فيها خرابا
من يسرق الوطن ومن يسرق أبنائه لا ينتظر سوى مزيد من الاخفاقات، ومن يستعبد الإنسان ومن يحاول تركيعه، لا ينتظر سوى الخراب .
من عنّف الأساتذة في الرباط وفي مدن أخرى عندما طالبوا بحقوقهم لا ينتظر أن يجني من  وراء ذلك   العنف  التهاني وأكاليل الورود، فالعنف لا يولّد سوى العنف والاستعباد لا يولد سوى الدّمار
نحن لا نتفق مع أي فكر يتبنّى الإرهاب، ولا مع أي فكر يحاول تبرير الإرهاب كيفما كان مصدره ، كما لا نتفق مع أولئك الذين يختارون القتل طريقا للتعبير  عن غضبهم بأي حال من الأحوال، ولكن مع ذلك فإن هناك واقعا مريرا في أوطاننا يجعل الشباب أكثر عرضة لهذا الفكر المتطرف، وأكثر استعداداً للالتحاق بمثل هذه التنظيمات الإرهابية .
في ظل حكومة اختارت أن تستعبد الشعب ، وفي ظلّ حكومة أعلنت الحرب على الأستاذ وأذاقته الويلات، وفي ظل غياب تامّ للديمقراطية والعدالة الإجتماعية، وطننا سيصبح وكرا لتفريخ الدواعش وما هو أخطر من الدواعش من الذين لا يؤمنون إلا بالقتل والتدمير .
الحكومة  لا تفكر في أولئك الأساتذة الذين يعانون في صمت، ولا في أولئك الذين اتخذت في حقّهم أقسى العقوبات في ظل الدستور الجديد ولا تفكر في أولئك الذين يعيشون ظروفا مادية مزرية، والذين يرابطون في الجبال والصحاري بلا أدنى شروط العيش الكريم، كما لا تفكّر أيضا في أولئك الذين يسحلون في الشوارع  آناء الليل وأطراف النهار لا لشيء سوى أنهم يدافعون عن حقوقهم المشروعة.
هم لا يعرفون أنه عندما يضيق الخناق على الأساتذة، وعندما يتمّ إخضاعه بالعنف وعندما يتم خنقه ماديا ومعنويا فإن ذلك سيشجعه على التطرف، ويمكن أن يؤدي به ذلك إلى تبني أفكار أكثر راديكالية كما يمكنه الالتحاق ليس فقط بداعش بل بتنظيمات أخطر من داعش ومن القاعدة .
تصالحوا مع الأساتذة ،اهتمّوا بقضاياهم،ادعموهم مادّيا ومعنويا ارفعوا عنهم الحيف في إعلام العهر الذي دأب على تقزيم دورهم على الدوام، تراجعوا عن قراراتكم المجحفة في حقه، اجعلوه محورا لعمليات الإصلاح التي شنفتم بها أسماع العباد، أنذاك يمكنكم القضاء على مثل هذه الأفكار الهدامة التي اجتاحت هذا الوطن .
سنحارب الإرهاب عندما نجد أن الوطن في خدمة الشعب
سنحارب الإرهاب عندما يمنّ علينا ساستنا العظام بالديمقراطية الحقة.
سنحارب ثقافة التطرف عندما نجد أن من يحكمون من أبراجهم العاجية يعملون بثقافة حقوق الإنسان ويحاولون ترسيخها في أذهان الشعب.
سنحارب الإرهاب عندما نرى أن لصوص المال العام الذين يسرقون ثروات البلاد يحاكمون .
سنحارب التطرف عندما يحس المواطن المغربي أن العدل  قد تحقق في بلده، وأن الوطن ملك له يقدره ويمنحه حقوقه الكاملة .
مهما اختلفنا مع الأستاذ مراد درداري ومهما اعتبرنا أن ما أقدم عليه كان خطأ إلا أننا نقول إن الدولة لها قسط من المسؤولية في قضيته
رحم الله الدرداري وغفر له ونتمنى ألا نرى مثل هذه المشاهد الصادمة التي يندى لها الجبين.

0 تعليق على موضوع "لماذا اختار الدراري أن يموت دفاعا عن التنظيم الإرهابي "


الإبتساماتإخفاء