أيها المغاربة قضي الأمر الذي كنتم فيه تستفتون

الكاتب بتاريخ


أيها المغاربة قضي الأمر الذي كنتم  فيه تستفتون 
رشيد أخريبيش
بعد سنوات طوال من النضال الذي خاضه الشعب المغربي ،وبعد سنوات من الأمل وطول الانتظار، لا يسعنا   إلا نشكر من يحكمون  هذه البلاد، ولا يسعنا إلا أن نقدم لهم أسمى عبارات العرفان، على ما قدموه من خدمات جليلة  لهذا البلد ولأبنائه ،فوطن العدالة
الذي وعدونا به قد تحقق بدون منازع، والحرية التي جعلوها من أولويات الإصلاح ،قد تحققت أيضا ،ولكم أن تنظروا إلى أحوال المغاربة كي تعرفوا ساستنا  كم هم شرفاء ،لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم . 
يريدون أن يظهروا لنا أن الوطن قد تغير، وأن الحرية قد عادت إلى هذا البلد، ويريدون أن يعلنوا لنا أن الإصلاح الذي وعدونا به، نعيشه في أعتى صوره الآن ، وأن العدالة التي تعهدوا بتنزيلها ،هي الآن في بلدنا، ننعم بها كغيرنا من شعوب العالم .
يريدونا  أن نعتقد  أن  وهم التغيير الذي حملوه زورا وبهتانا هو الحقيقة التي يجب أن نعترف بها، والتي يجب أن نؤمن بها ،والتي من الواجب أن نطبل لها آناء الليل وأطراف النهار ،
يريدونا أن نعيش على وقع حفلاتهم الصاخبة التي تخفي معاناة الشعب وآلامه، يريدونا أن نصدق مسرحياتهم ،التي خربت الوطن عن بكرة أبيه ،يريدونا أن نعيش على الأوهام التي  طالما قدموها للشعب ،يريدونا أن نقنع أنفسنا بأن العدالة التي حلمنا بها يوم قررنا أن تنتفض ضد الظلم، قد عمت البلاد والعباد، يريدونا أن نكون قطعانا  عمياء نهرول إلى جهة الصوت كلما قرروا استعبادنا،يريدونا أغبياء نصدق ما يروجون له في إعلامهم الذي لا يكون نزيها حتى في أحوال الطقس. 
هم يريدون شعبا يعيش على الكفاف ،شعبا يصفق للوهم، شعبا يطبل لمن هم  على رأس القرار، شعبا يصبر على الظلم ولا يقوى على الكلام، شعبا يطلب الحياة من الأموات ، شعبا يتوكل على المفسدين وينتظر منهم أن يمدوه بكسرة خبز ،شعبا يقتات على الفتات، شعبا يتوسل إلى من سلبوا منه ماله وحريته ،شعبا قادرا على الاستمرار في إنتاج مظاهر التسلط، شعبا يعيش من أجل أن يتلذذ به من يشرعون من أبراجهم العاجية، شعبا يقول لجلاده شكرا اعذرنا  إن لطخت دمائنا أياديك، شعبا يسير بانحناء كلما سمع بحكامه، شعبا يموت من أجل أن  يعيشوا هم ،شعبا يفديهم بالمال والدماء،  من أجل أن يظلوا زعماء على وطن بكل البلايا مبتلى، شعبا يقول سمعا وطاعة، كلما قالوا له يا  أيها الشعب ما علمنا لك من حكام غيرنا. 
على الشعب أن يعرف أن من يستعبدنا مع كل ولاية، لا يريد لهذا الاستعباد أن ينتهي، ولا يريد للفساد أن يتوقف، ولا للمفسدين أن ينتهوا عن فسادهم، ولا يريد للوطن أن يرتقي بأبنائه، ولا يريد للديمقراطية أن تنجلي، فهؤلاء هم من قتلوها وأعلنوا الحداد عنها كل ذلك في سبيل أن تسود الديكتاتورية ويستشري الفساد في البر والبحر. 
على من يشك في وجود مؤامرة تطبخ في الغرف المظلمة حول استعباد الشعب، أن يعرف أن لا أمل ينتظر هؤلاء المغاربة، الذين كانوا يأملون خيرا في أولئك الذين لا يراعون فيهم إلا ولا ذمة ،وهم في سعي مستمر للقضاء على الشرفاء وإخلاء الساحة أمام عشاق التعويضات الخيالية لكي ينهبوا الأموال، ويسرقوا الأحلام، ويعيثوا في البلاد فسادا. 
عندما يتم تعنيف  الشرفاء، لمجرد خروجهم إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة، وعندما يزج بمواطنين في غياهب السجن، لكونهم فضحوا المفسدين،   وعندما يحاكم من به ذرة من الغيرة على أموال الشعب التي تذهب سدى، فإنه لا بد وأن نتوقف ولو للحظة، لنعلن أن الشعب في حالة حرب مع الفساد، وفي معركة مع أعداء الوطن، الذين لا يريدون لشمس الحرية أن تشرق والذين يحاربون التغيير بكل ما يملكون من قوة. 
لقد قضي الأمر الذي كان من أجله الشعب يراهن على السياسة، وانتهى أمر من كانوا على الدوام يوهمون الشعب بالمسرحيات الهزلية ،فالدولة  التي تطلق العنان للمفسدين أن يمتصوا عروق المواطنين ،وفي المقابل ترهق كاهل البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة لا مستقبل لها، والدولة التي تتصالح مع الفساد وتعفو عن المفسدين وتقول لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء،وفي المقابل تعتقل مواطنا فضح الغش وتستعد لمحاكمته  بتهمة السب والقذف لا يمكن أن تسير إلى الأمام ،ولا يمكن لها أن تكون دولة ديمقراطية كما يروج لذلك،ولا يمكنها أن تعيش التقدم الذي تعيشه معظم دول العالم.

الرباط  4/2/2016

0 تعليق على موضوع "أيها المغاربة قضي الأمر الذي كنتم فيه تستفتون "