وطنية حزب الاستقلال عبر التاريخ

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

رشيد أخريبيش
إذا كان المغاربة يعرفون أن حزب الاستقلال قد عاث في بلاد المغرب فسادا وكان سببا لهم في كثير من المآسي ،فإن أغلبهم لا يعرف عن التاريخ الحقيقي لهذا الحزب الذي طالما حمل شعارات من قبيل الإستقلال والنضال ضد المستعمر، بل زعماء هذا الحزب لا زالوا ينادون بالوطنية، ويراهنون على الشعب أملا في الوصول إلى السلطة مرة أخرى ،رغم الفضائح التي صدرت عن هذا الحزب "الوطني "

كلما تحدث زعماء حزب الاستقلال في الإعلام وفي التجمعات أو في المؤتمرات، فإنهم لا يفوتون الفرصة إلا ويتحدثون عن الأمجاد وعن البطولات التي لا تنتهي ، يحاولون إقناع المغاربة بأن تاريخ هذا الحزب ناصع البياض ، غير ان الوقائع تتحدث عن عكس ذلك .
لا بأس أن نعود بكم إلى الوراء وبالضبط بعد رجوع الملك محمد الخامس من المنفى، بعد سلسلة من الاغتيالات التي نفذتها المقاومة المسلحة على الأرض، والتي فرضت على فرنسا بأن يعود السلطان إلى أرض الوطن في 16 نونبر، سنة 1955 وبعده تشكيل أول حكومة في 7 دجنبر من نفس السنة ، ففي هذه اللحظة التاريخية، أثبت حزب الاستقلال أن مساره لم يكن كما يقدمه هؤلاء القادة ، بل طبعته الهمجية والانتقام ضد كل من خالفهم الرأي ، بل هذا الحزب كان يعتبر نفسه حزبا مقاوما يستحق الانفراد بالحكم، وليس لأحد من المغاربة الحق في الدخول معه ، فالوطنية كانت مقتصرة على حزب الاستقلال دون غيره كما كان يراها .
يجب على المغاربة وعلى أنصار حزب الاستقلال الذين يرفضون أي نقاش حول تاريخ الحزب ،ان يعرفوا ان الحقائق التاريخية لن يستطيع أحد إخفاءها ، فالمغاربة لا شك أنهم يتذكرون جيدا أيادي حزب الاستقلال الملطخة بدماء الوطنيين الشرفاء الذين قاوموا الاستعمار، والذين كان لهم هذا الحزب بالمرصاد عبر سلسلة من الملاحقات المستمرة وعبر تكوين العصابات المسلحة التي كانت ترتكب أبشع الجرائم في حق المعارضين، وخاصة من حزب الشورى والاستقلال وكل من كان يريد أن يعارض ذلك المشروع الإقصائي لهذا الحزب ، والمغاربة أيضا يتذكرون خيانة هذا الحزب الذي كان يسهل لتلك العصابات المسلحة الطريق نحو تنفيذ مخططاتها الإجرامية ، حيث كان يسيطر على إدارة الامن الوطني باعتبار أن المرحوم محمد الغزاوي الذي كان على رأس إدارة الامن الوطني أنذاك كان ينتمي إلى هذا الحزب، لذلك لم يكن من هذا الحزب سوى أن يطلق العنان لنفسه لتصفية الحسابات مع كل من كان يعتبرهم خصوما يعكرون صفو عمله .
الغطرسة والمنطق الإقصائي هما الميزتان اللتان طبعتا تاريخ حزب الاستقلال، ولنا أن نتذكر حقيقة ما بذله الحزب من جهود، من أجل تشكيل حكومة كلها من حزب الاستقلال، والضغوطات التي مارسها هذا الحزب على الملك محمد الخامس أنذاك للانفراد بالسلطة دون أن يحتكموا إلى الشعب الذي نعرف أنه القادر على تحديد من يقود الحكومة ، فهذا الحزب لم يقتصر في حربه على مناضلي حزب الشورى والاستقلال والحركة الشعبية ، عبرالعنف واختطاف المناضلين ، بل تعدى ذلك إلى إطلاق التهم جزافا على الحزب الشيوعي المغربي، واتهمه بأن له علاقات مع الكيان الصهيوني كما أنه اتهم أيضا المستقلين بتهم ما أنزل الله بها من سلطان ، كل ذلك من أجل أن يبقى لوحده في الساحة بدعوى أنه هو من جاء بالاستقلال وهو من له الحق في أن يحكم المغاربة، وهذا هو المنطق الاقصائي الذي تحدثنا عنه في أول المقال والذي كان قد جعل منه الحزب شعاره الخالد ضد كل مكونات الشعب المغربي الذي ناضل من أجل هذا الوطن.
عندما يتحدث الآن السيد شباط ويصف حزبه بأنه "أب" و" أم " كل الأحزاب وهذا ربما نتفق معه فيه ، لإن الحزب كان سباقا لإعلان الحرب على الأحزاب الأخرى التي لا تسير في خطه ،وسباقا في رفض كل الآراء المخالفة له ، حتى لو كانت هذه الآراء ديمقراطية .
حزبنا البطل صاحب الأمجاد ضد الشعب المغربي ،وإن كان يحاول إظهار نفسه على أنه المنقذ الوحيد للمغاربة، فإن الحقيقة تؤكد أن تاريخ الحزب تطبعه العنصرية إلى أبعد الحدود ، وخاصة عنصريته ضد الأمازيغ وعداءه لكل ما يتعلق بالأمازيغية ، بل هذا الحزب حاول جاهدا تصفية مجموعة من المناضلين الأمازيغ أمثال عدي وبيهي الذي اتهمه حزب الاستقلال بالتمرد وبالسعي نحو تكوين جمهورية أمازيغية في المغرب ،وما كان منهم إلى أن اتهموه وحكموا عليه بالإعدام وقتلوه مسموما في زنزانته وهذه الجريمة البشعة، سيبقى التاريخ شاهدا عليها حيث أظهرت بشكل كبير حقد من هم على رأس حزب الاستقلال أنذاك على كل ما هو أمازيغي .
كانت لحزب الاستقلال اليد الكبرى في قمع ثورة الريف التي اشتعلت في وجه هذا الحزب نظرا للتهميش الذي عانته منطقة الريف، فما تم الترويج له بأنها ثورة ضد العرش هي أكذوبة الحزب التي يمكن أن تنضاف إلى سجل الأكاذيب التي روج لها هذا الحزب ، لأن ماوقع في الريف من هيجان ضد الظلم وضد الديكتاتورية الاستقلالية البغيضة، ما كان ليقابل بهذا القمع، لولا أن هذا الحزب كانت له النية في تصفية كل من يحاول الإحتجاج في وجهها ، 
لا نعتقد أن من كان سيفا مسلطا على رقاب المغاربة في يوم من الآيام، والذي باع الوهم للمغاربة على طبق من الخيانة والكذب، سيكون بطلا في عيون المغاربة اليوم ، لأن الوطنية لا تحدد بالشعارات ، ولا بقلب الحقائق كما يفعل حزبنا البطل ، فالوطنية تحتاج إلى أفعال صادقة، وإلى نضال مستمر من أجل مصلحة الوطن ، لأن الوقائع التاريخية كفيلة بتحديد من هو الحزب الوطني من غيره، لذلك رجاءً من هؤلاء ألا يستخفوا بالمغاربة وأن يرحموا عقولهم، لأن الشعب المغربي أكبر من أن يتم استغلاله بمثل هذه الهرطقات والأساطير التي تراود قادة الحزب من حين لآخر.

0 تعليق على موضوع "وطنية حزب الاستقلال عبر التاريخ"


الإبتساماتإخفاء