لجامعات المغربية ومظاهر التشرميل الحقيقية

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0




رشيد أخريبيش

أولا تعازينا لأسرة الطالب الحسناوي الذي اغتالته أيادي الغدر التي لا تعرف إلا لغة العنف والقوة، بعد أن عجزت عن الدفاع عن مشروعها المنحط ومتمنياتنا من الله العلي القدير أن يسكن الشهيد فسيح جناته إن لله وإن إليه راجعون .
لم نكن حقيقة نتصور أن ظاهرة التشرميل التي أصبحت حديث المغاربة جميعا والتي أعلنت عليها السلطات حربا ضروسا ستدخل إلى جامعاتنا بشكل كبير ، بل وتحصد أرواح الطلاب الذين جاءوا لطلب العلم ليكتشفوا أنهم وسط عالم أصبحت فيه حياتهم مهددة بسبب "المشرملين " الذين يعتقدون أن الجامعات قد وضعت أصلا للمواجهات وإسالة الدماء واستباحة أرواح البشر لا مكانا للعلم وكسب المعرفة .
ما وقع هذه الأيام من إزهاق روح طالب في جامعة ظهر المهراز بفاس يوحي وبدلالة واسعة أن الجامعات المغربية في خطر ،وأن الوضع يزداد تدهورا ، بعد أن ازدادت مظاهر التشمكير في صفوف الطلبة وزادت حدة المواجهات التي خرجت عن السلمية المعتادة وأصبح كل فصيل يفكر في تصفية فصيل آخر بكل الطرق المتاحة، وذلك طبعا أمام صمت مخجل من طرف السلطات التي اعتادت ألا تحرك ساكنا .
اعتدنا في المغرب أن نسمع مثل هذه الأخبار التي يندى لها الجبين والتي يذهب ضحيتها العديد من الطلبة ،وكذلك اعتدنا أن نشاهد الجناة الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم البشعة لا يحاسبون إطلاقا ما يعني أن الجامعات أصبحت تحكمها قوانين الغاب التي عفا عنها الزمان والتي تجعل من ساحات جامعاتنا ساحات للوغى ينتصر فيها من يملك السلاح والقوة بعيدا عن العقل والإحتكام إليه.
نحن لا نعلم صراحة ماهو دور الجامعات إذا كانت المواجهات الدموية عنوانها الأبرز ، وما الغرض منها إذا كانت هذه الجامعات تهدد حياة كل من يفكر في الولوج إليها ؟وما هو دور الدولة المغربية في التصدي لهذه الظاهر التي أصبحت بمثابة وصمة عار في جبين المغاربة جميعا ؟
مقتل الحسناوي يعيد إلى أذهاننا ذلك الانفلات الأمني الذي تعرفه جامعاتنا ، ويعيد إلينا صورة المحاكم الشعبية وتطبيق الحدود بعيدا عن القانون الذي من المفروض أن يكون الرادع لمثل هذه الممارسات الوحشية التي تجاوزت كل الخطوط ، وأصبحت مصدرا للفتنة التي لا تبقي ولا تذر.
هذه الوحشية التي أصبحت تمارس من طرف الفصائل تتحمل مسؤوليتها الحكومة المغربية التي لم تتخذ أي خطوات للحد من مثل هذه الممارسات الشنيعة ، فلا يكفي التنديد بمثل هذه الأعمال ، ولا يكفي الاستنكار مادام أن السيناريوهات تتكرر ، وما دام أن أرواح أبناء المغاربة تذهب سدى في جامعات من المفروض أن تحميهم وتحفظ كرامتهم وليس أن تلقي بهم إلى التهلكة.
التطرف الفكري أنزلق نحو العنف الأسود، والاختلاف أصبح يواجه بالانتقام الذي يصل إلى حد التصفية الجسدية ، لكن بالرغم من ذلك فهناك من يدبر لهذه المؤامرة، ويحاول تصوير المغاربة على أنهم ملل متناحرة وأعداء داخل الوطن الواحد ،ويحاول اللعب على هذا الوتر الحساس لخلق الفتنة وإعطاء صورة سوداوية على المغاربة ، لأن هؤلاء لا يريدون لمسلسل الإصلاح أن يسير إلى الأمام ولا يريدون للديمقراطية أن تظهر في بلد يئن من شدة الأزمات التي أرهقت كاهله ، لذلك تجد هؤلاء يعملون كل ما في وسعهم من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية .
هذه الفصائل أو هذه العصابات التي استعمرت الجامعات المغربية وأصبحت تتحكم فيها أمام أعين السلطات ،وجعلتها مكانا للمواجهات اليومية بين الطلبة والتي طالما تدعو إلى العنف ،كلها لخدمة أجندات خاصة بها مستغلة أولئك الطلبة الذين أعتقد أنهم ضحية مخطط جهنمي يراد من خلاله تشتيت صوت المغاربة ،واستبعاد فكرة التلاحم بينهم مخافة أن يسقط هذا الشعب أسطورة من لديهم مصلحة في إبقاء الحال كما هو عليه والذين يفكرون ليل نهار في ما يمكنهم من تحقيق انتصارات على الشعب وتركيعه ، وإعادة المسرحيات على مسامعه من جديد ، حيث وجدوا في الجامعات ضالتهم وأصبحوا يدفعون بأبناء المغاربة إلى الهاوية كل ذلك من أجل مصالحهم التي تبقى فوق كل اعتبار

0 تعليق على موضوع "لجامعات المغربية ومظاهر التشرميل الحقيقية "


الإبتساماتإخفاء