لا تحلموا كثيرا فأردوغان ليس هو بنكيران

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

رشيد أخريبيش

مؤخرا التقيت بأحد زملاء الجامعة فدار الحديث بيننا حول ما يحدث في تركيا من انتخابات فاز فيها حزب العدالة والتنمية ، رغم بعض التكهنات التي كانت تشير إلى عكس ذلك ،فبما أن الصديق ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية المغربي تفاءل خيرا ،وقال لي إن المغرب سيعرف نفس التجربة التي عاشتها تركيا ،وأن بنكيران سيفوز مرة أخرى بالرغم من المكائد التي تحاك ضده من طرف من لا يريد للمشروع الإسلامي أن يعرف النور ، فهذا رأيه طبعا ونحترمه لكننا نختلف معه كليا ونعتقد أن المقارنة بين أردوغان وبنكيران ليست صحيحة على الإطلاق ، بل ستسقطنا فيما لا تحمد عقباه .

بما أن أنصار حزب العدالة والتنمية بالمغرب قد عبروا عن ارتياحهم بعد فوز أردوغان وبما أنهم يطبلون لذلك وينتظرون بأن يحقق زعيمهم بنكيران نفس المجد الذي حققه أردوغان، فإننا نقول شتان بين زعيم قد أوصل اليلاد إلى القمة وبين زعيم كان هدفه هو تركيع الشعب والدفع  بالبلد  إلى المجهول .

كان على هؤلاء الذين يطبلون لأردوغان والذين لا مازالوا ينتظرون الخير الكثير من حزب العدالة والتنمية الذي لم يقدم للمغاربة سوى المآسي منذ أن وصل إلى سدة الحكومة أن يطرحوا على أنفسهم هذا السؤال ماذا قدم بنكيران كزعيم إسلامي حتى يتسنى لنا مقارنته بأردوغان ؟وما الذي يجعلنا نأمل في فوزه مرة أخرى بالانتخابات إذا كان هذا الأخير قد أتقن فن الكذب ، وباع الوهم للمغاربة وقدمه لهؤلاء على طبق من ذهب ؟

لا أحد ينكر أن حزب العدالة والتنمية التركي هو حزب ذو توجه إسلامي، وله من المواقف ما يجعله يصنف ضمن الأحزاب الإسلامية المعتدلة التي تجمع بين الايديولوجية والديمقراطية ، والذي حقق انجازات منقطعة النظير لتركيا وانتقل بها لتعانق الدول الكبرى ، وحقق ما لم تحققه الأحزاب الأخرى على مر عقود من الزمن ،كل هذا صحيح ،لكن ماذا عن حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يطمح بأن يصبح النسخة طبق الأصل لحزب العدالة والتنمية التركي ؟وما ذا عن بنكيران الزعيم الذي أراد لنفسه أن يكون أردوغان المغرب ؟

إن المتتبع للوقائع على الأرض سيجد أن لا وجود لمقارنة بين حزب العدالة والتنمية التركي وبين حزب العدالة والتنمية المغربي اللهم إذا كان ذلك فقط في الأسماء ، فالأول  حقق ما يمكن أن نسميه بالمعجزات لتركيا، و حقق نجاحات لا تحصى في كل المجالات، وهذا بشهادة الأتراك أنفسهم أما الثاني وهو حزب العدالة والتنمية المغربي فلم يحقق ولو انجازا واحدا منذ أن وصل إلى السلطة باستثناء الوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع ،التي كان بارعا في تقديمها للمغاربة ،فأردوغان حقق ما لم يحققه أسلافه ، على جميع المستويات ، حيث استطاع سياسيا أن يخلص البلاد من الفساد السياسي والمالي الشيء الذي أكسبه شعبية عند الأتراك جميعا ، أما زعمينا السيد بنكيران فقد تراجع عن وعوده التي كان قد قطعها على نفسه والمتمثلة في محاربة الفساد والمفسدين ، بل لم يتردد الزعيم المبجل في التحالف مع الفساد وإطلاق حملة العفو عن المفسدين الذين نهبوا أموال الشعب وعاثوا في أرض المغرب فسادا ، أردوغان دفع بتركيا إلى أن تتصالح مع نفسها وأن تحقق توافقا بين مكوناتها المختلفة، وبنكيران أحسن لغة الشعارات الجوفاء التي أظهرت عجزها عن مسايرة ذلك التغيير الذي انتظره الشعب المغربي عندما فكر أن يمنح صوته لحزب العدالة والتنمية.

على المستوى الاقتصادي لا أحد يستطيع أن ينكر انجازات حزب العدالة والتنمية التركي لتركيا ولشعبها بشهادة الخبراء العالميين في هذا المجال ، فالاقتصاد التركي أصبح من أكبر الإقتصادات  في شرق المتوسط وجنوب شرق أوروبا والشرق الأوسط ومنطقة القوقاز ، ومعدل الدخل الفردي قد قفز بشكل ملفت منذ أن وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة ، بالإضافة إلى معدل النمو الذي ارتفع بشكل كبير لتحقق تركيا نقلة نوعية فيما يخص معدلات التنمية أسوة بالدول المتقدمة ، أما حزب العدالة والتنمية المغربي فمنذ أن وصل إلى سدة الحكومة وهو يمطر المغاربة بالخطابات الدينية التي أصبحت متجاوزة في ظل واقع يفرض رؤية اقتصادية قادرة على إخراج البلاد من الأزمة التي عصفت به .

مقارنة حزب العدالة والتنمية التركي الذي صنع المعجزات بحزب العدالة والتنمية المغربي هو ضرب من الخيال وحلم في واقع اظهر عورات من كان يصور نفسه على أنه المخلص الوحيد للمغاربة من أزماتهم  ،أنصار حزب العدالة والتنمية مازالوا يتجاهلون شعبية حزبهم التي وصلت إلى الحضيض، ومازالوا يدافعون على  أطروحاتهم الواهيه التي كشفت عنها الأيام والسنون ،فحزب العدالة والتنمية الذي ضمه المغاربة بين أحضانهم وقدموا له المساعدة حتى وصل إلى سدة الحكومة هو الآن يتحرك  في منحى خطير ويؤسس لدكتاتورية حكومية لم يشهد لها تاريخ المغرب مثيلا ، لذلك لا يمكن مقارنته بحزب كان دائما في خدمة الشعب التركي وحريصا على أن تكون رهن إشارته في جو تطبعه الديمقراطية والعدالة .

إلى الذين ينتظرون أن يصبح المغرب بلدا ديمقراطيا مثل تركيا ،وإلى من يراهن على أن يصبح بنكيران نسخة طبق الأصل لأردوغان في المغرب، لهؤلاء نقول لا تحلموا كثيرا فوضعنا المآساوي يظهر بجلاء قصة الوهم التي ألفها بنكيران وأصدقائه في الكذب والتي مازالت فصولها تعاد على مسامع الشعب إلى حدود الآن.

 

0 تعليق على موضوع "لا تحلموا كثيرا فأردوغان ليس هو بنكيران"


الإبتساماتإخفاء