للأمازيغ أخطاء يجب تصحيحها

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
للأمازيغ أخطاء يجب تصحيحها

رشيد أخريبيش
كثيرا ما يتم الحديث عن الأمازيغ وعن لغتهم وحضارتهم ، فيتم صنع الإجابات عن كل هذا من طرف غير الأمازيغ ، ومن ثم تشكيل هوية الأمازيغ من منطلق ما يتناسب مع مصالح هؤلاء ، حيث كانوا أشد حرصا على تزوير التاريخ وإعطاء للأمازيغ النسب الذي يرونه الأمثل بالنسبة إليهم ، وبالتالي فذاك ينسبه إلى فلسطين وذاك إلى اليمن السعيد أو الترك والآخر إلى الجرمان أو غيرهم ، وما أكثر هؤلاء الذين حاولوا كتابة التاريخ بمداد من الكذب والتزوير.


بعد أن تقاعس الأجداد وسلموا لغيرهم مهة التعريف بالأمازيغ ، وجد هؤلاء أنفسهم في قبضة من تفنن في تشويه صورتهم ، حيث أصبح الحديث عن الأمازيغ لا يستبعد تلك الصورة النمطية التي صنعها من كلف بالحديث عن الأمازيغ ، وغدت صورة الشعب الأمازيغي عندما نستحضرها صورة مزعجة تصوره كإنسان بدائي متخلف لا يتقن فن التواصل ، يسكن الكهوف ، لا يحب صخب المدينة أناني متوحش، يلبس الصوف ويحلق الرؤوس ويقتات من الطبيعة ، تلك هي صورة من أسندت له مهمة الحديث عن الأمازيغ في السابق.
أخطاء الأجداد وتخاذلهم عن القيام بدورهم في صناعة تاريخهم بأنفسهم، وإسناده إلى شعوب أخرى، كان لها الدور الكبير في إنتاج مثل هذا التاريخ الذي كاد أن ينهي مع تاريخ الأمازيغ ومع حضارتهم التي تضرب في العمق ، فالاعتماد على الآخر وترك المجال له ليقول ما يشاء وبالطريقة التي يشاء عنه ، ولد عند هؤلاء الأمازيغ اعتقاد كلي بأن ما قيل عنهم وما كتب عنهم هو عين الصواب ، فأصبح الأمازيغي من شدة إيمانه بما كتب عنه من طرف غيره، يعتقد أن شمال افريقيا أو منطقة تامزغا ليست أرضه الأم ،وإنما انتقل إليها من بلاد أخرى كما صوروا له ، واعتقد أنه فرع لا أصل له تابع لشعب آخر كثيرا ما يحاولون إعطائه أكبر قدر من الاهتمام، لتوهيم الأمازيغ بأنهم أتباع لا أصل لهم في التاريخ ، وولدوا لدى عامة الأمازيغ اعتقاد بأن الشعب الأمازيغي هو امتداد لشعوب كثيرة منها الفينيقيون والرومان والعرب ولو قدر لفرنسا الاستعمارية أن تبقى في شمال افريقيا لفترات من الزمن لربما سمعنا عن أطروحة مفادها أن الشعب الأمازيغي هو امتداد لفرنسا الاستعمارية.
من الأشياء التي يعاتب عليها الأمازيغ عبر التاريخ والتي ساهمت بشكل كبير في إعطاء الفرص لبعض الانتهازيين للركوب على التاريخ وتحريفه على غير حقيقته ونسبوا حضارة الأمازيغ إلى غيرهم ، هو افتقادهم للغيرة على الحفاظ على حضارتهم ، فاهتمامهم كان ينصب حول حماية الأرض دون إعادة النظر في جانب الحضارة، ما جعل الطريق مفتوحا أمام من لديه مصلحة في السطو على مكتسبات الشعب الأمازيغي .
تقاعس الأمازيغ عن القيام بدورهم في الحفاظ على حضارتهم و عدم الاهتمام بلغتهم الأم ولد شعورا بفوبيا الانتماء لدى عامة الشعب الأمازيغي في شمال إفريقيا ، حيث أصبح من ينتمي إلى هذا الشعب يختبئ وراء حضارات أخرى خشية الإحراج بهويته التي يتم تصوريها من الغير بما لا يليق بها .
بعيدا عن تلك الأباطيل التي تم الترويج لها للتعريف بالأمازيغ وبهويتهم وثقافتهم ، وبعيدا عن التاريخ الذي كتب عن الأمازيغ عن طريق غيرهم، فإننا نقول أن هناك أخطاء قد وقع فيها الأجداد وأن هناك تقصير من طرفهم كان قد وضع العصا في دولاب تاريخ الشعب الأمازيغي ، نتمنى ألا تتكرر مرة أخرى، وأن تكون لدى هؤلاء نظرة إلى المستقبل لمعرفة نفسهم بنفسهم والعمل على استبعاد ذلك السؤال الذي غالبا ما تناوله الكثير ممن تحدثوا عن الأمازيغ من هو الشعب الأمازيغي ؟ والعمل على طرح سؤال من أنا ؟وكيف أكون ؟
إن فهم الأمازيغي لنفسه يتطلب معرفة أصله الذي غالبا ما يسيل الكثير من المداد ، خاصة وأنه يواجه الكثير من المؤامرات من طرف من لديه مصلحة في طمس التاريخ الأمازيغي ، فالإيمان المطلق بأن الشعب الأمازيغي هو الشعب الذي استوطن أرض شمال افريقيا وطنا له، منذ أن كانت لغة التواصل لديه فقط بالإشارات هو الكفيل في الحسم في تلك الإشاعات التي تنسب أصل الشعب الأمازيغي حسب هواها ، وأن حضارته التي تمتد لآلاف السنين، هي خطوة مهمة لقطع الطريق أمام تلك المحاولات اليائسة التي تبين وبالملموس أنها من الأساطير التي ابتلي بها من تعهد على طمس هوية الأمازيغ.
على الأمازيغي الآن أن يعتز بأصله وأن يفتخر بحضارته ، وألا يحس بنوع من النقص تجاه تلك الحملات المغرضة التي تصور الشعب الأمازيغي على غير حقيقته، وأن الأمازيغ مثلهم مثل باقي شعوب العالم عرفوا القوة واستطاعوا غزو أوطان أخرى، كما فعلوا في عهد القائد شيشونغ الذي استطاع أن يحتل أرض مصر وأسس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين ، أو كما فعلوا في العهد القرطاجي عندما استولوا على اسبانيا وجزء من قارة اوروبا ، وكما فعلوا في العصر الوسيط حينما غزت جيوشهم أرض مصر وبعض دول الشرق الأوسط، واستطاعوا تأسيس الدولة الفاطمية ، وبعد ذلك الأندلس وتمكنوا من فتح العديد من الدول الإفريقية بواسطة الإمبراطورية المرابطية والموحدية ، حيث كان النصر حليفا لهم في عدة حقب من التاريخ ما تزال شاهدة على تفوقهم ، لكن إذا كان الأمازيغ قد عرفوا مراحل التفوق والنصر فإنهم قد عرفوا أيضا مراحل الضعف والانقسام وتعرضوا للاستعمار الروماني والفرنسي والإسباني ثم الإيطالي ، وهذا ما جعلهم عرضة للعديد من المؤامرات التي مازالت جروحها لم تندمل إلى هذه اللحظة.
كم هي كثيرة أخطاء الأمازيغ عبر التاريخ ،وكم هي كبيرة هفواتهم القاتلة ، لكن مع ذلك تبقى كل تلك الأخطاء قابلة للتصحيح من طرف الأبناء للتكفير عما قام به الأجداد ، ولقد صدق الزعيم غاندي عندما قال "ليس في حياة الأفراد ولا حياة الشعوب خطأ لا يمكن إصلاحه، فالرجوع إلى الصواب يمحو جميع الأخطاء "

0 تعليق على موضوع "للأمازيغ أخطاء يجب تصحيحها "


الإبتساماتإخفاء