دول الخليج خسرت المعركة وإيران الرابح الأكبر

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
دول الخليج خسرت المعركة وإيران الرابح الأكبر

رشيد أخريبيش
بعد أن حصحص الحق وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من المعركة الدائرة بين دول الخليج وايران وبعد أن انكشفت السياسة الخليجية التي كانت دائما سندا للمشروع الأمريكي في المنطقة ، حيث كانت على الدوام تستقوي بالغرب ضد ما تسميه المشروع الإيراني الصفوي في المنطقة ، يمكن القول أنها خسرت المعركة، بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن دورها في سوريا ، حيث تمكنت إيران العدو اللدود لدول الخليج من إظهار عضلاتها وأصبحت قادرة على فرض نفسها ولعب دورها الريادي في المنطقة ، في خطوة أظهرت ضعف دول الخليج الذين فقدوا الأمل في حليفهم الأبدي أمريكا الذي يبدو أنه الآن يتجه نحو تسوية مع ايران خاصة بعد اللقاء الأول من نوعه بين زعماء البلدين منذ أربعين عاما ليبقى الخاسر الأكبر هو دول الخليج التي راهنت على أمريكا وسبحت بحمدها لعقود من الزمن .


يبدو أن دول الخليج لم تستفد من دروس العراق الذي قدمته لأمريكا على طبق من ذهب أملا منها لسد الطريق عن إيران، ومحاربة المد الشيعي الذي تعتبره خطرا على المنطقة بأكملها ،حيث لم يكن لديها اعتقاد أن العراق سيسقط في أيادي من كانت تشيطنهم على الدوام ، أما الآن فهي تعيد نفس السيناريوهات مع سورية حيث ما تزال تعول على أمريكا في حل الأزمة السورية التي يبدو أنها ازدادت تعقيدا بعد أن تراجع الغرب عن الضربة التي كان من المحتمل أن يوجهها للنظام السوري .
إيران كسبت المعركة ضد دول الخليج، وأرغمت الغرب للجلوس معها على طاولة المفاوضات ،بعد تعنت استمر لعقود واستطاعت أن تستكمل مشروعها النووي ، وحافظت على نظام بشار الأسد في سورية حتى هذه اللحظة بعد أن تراجع الغرب عن فكرة إسقاط النظام ،وهو ما أقلق حلفاء أمريكا في الخليج الذين كانوا ينتظرون الوقت الذي يتدخل فيه الغرب لجعل الكفة تميل لصالح هذه الدول ، وهو ما لم تستسغ له هذه الدول ، وما رفضها لمقعد بالأمم المتحدة سوى دليل على الإحساس بالإحباط من طرف هذه الدول التي بررت هذا الرفض بازدواجية المعايير التي تصدر من المجتمع الدولي والذي فشل في إيجاد حل لقضية فلسطين المحتلة ، وللأزمة السورية التي أدار لها الظهر .
من يتمعن جيدا في تلك المبررات التي قدمتها المملكة العربية السعودية إثر رفضها لمقعد غير دائم في الأمم المتحدة سيجد أنها كلها واهية، فمتى كانت قضية فلسطين المحتلة حاضرة في أجندات السعودية ودول الخليج ؟ ومتى كانت هذه الدول حريصة على قضايا الأمة العربية والإسلامية ؟
لا شك أن ما يؤرق دول الخليج الآن بعد أن ازدادت الأزمة السورية تعقيدا، ليس هو حرصها على فلسطين المغتصبة ، ولا عن الشعب السوري الذي ترتكب في حقه أبشع الجرائم ، ولكن ما يقلق هذه الدول هو صعود المارد الإيراني الذي أصبح يلعب دورا أساسيا في كل الأزمات بعد أن تيقن الغرب أنه لا مجال للاستغناء عنه لمعالجة القضايا العالقة في البلدان التي تعصف بها الأزمات .
إيران استطاعت أن تجعل لنفسها مكانا في العالم ، واستطاعت أن ترغم الغرب على العودة إلى المفاوضات عبر سياساتها الممانعة ،التي مكنتها من إقناع الغرب على أن الحل يكمن في اقتسام الكعكة معها وليس تجاهلها في حل الأزمات ، لكن ماذا عن دول الخليج التي كانت دائما قلقة من المشروع الإيراني في المنطقة؟ ماذا قدمت لكي يكون لها دورأساسي في التفاعل مع قضايا الأمة العربية والإسلامية ؟
على مر الدوام لم يكن لدول الخليج أي دور يذكر في حل الأزمات في العالم العربي ، ولم تسارع إلى لعب دورها الأساسي الذي يمكنها من التأثير ولو بشكل أقل على مجريات الأحداث بالوطن العربي ، بل اكتفت بالسير وراء الغرب الذي كان يتحدث بلسانها ويعبر عن مواقفها دون أن تكون في الواجهة ،وهو ما أضاع عنها فرصة صنع قرارها بنفسها ،فالغرب الذي تعهد بالقضاء على ايران وعلى برنامجها النووي يبدو أنه خذل دول الخليج وأصبح يغازل المارد الإيراني ويبحث عن تسوية معه، ما يعني أن دول الخليج اكتوت بنارين نار الغرب الذي لجأ إلى إيران و ترك هذه الدول يتيمة تنتظر من يكفلها ، ونار إيران التي أصبحت قوة في المنطقة يحسب لها ألف حساب.
بعد الصفعة الأمريكية التي وجهتها لدول الخليج فيما يتعلق بالتراجع عن شيطنة إيران والبحث عن تسوية معها عادت هذه الأخيرة لتتحدى هذه الدول وتعلن على المباشر أن إيران وسيط أساسي في الأزمة السورية حيث دعتها لحضور مؤتمر جنيف الثاني ما يعني أنها ربحت الرهان وهي في طريقها نحو كسب المزيد .
دول الخليج بعد فشلها في لعب دورها القيادي في المنطقة وصعود إيران العدو الذي أسال الكثير من المداد أمامها امتحان عسير حول البحث عن البديل الذي يعوض لها ذلك الفراغ الأمريكي الذي جعلها على شفا أن تفقد جميع أوراقها خاصة وأن لهذه الدول قضايا عالقة مع إيران خاصة المتعلقة بالجزر الإماراتية الثلاث التي طالما تعتبرها إيران ملكا أبديا لها ، فتسوية الغرب مع إيران يمكن أن يعيد طرح مثل هذه القضايا من جديد ما يعني أن أمام دول الخليج عقبات لن تستطيع تجاوزها إلا بشق الأنفس

0 تعليق على موضوع "دول الخليج خسرت المعركة وإيران الرابح الأكبر"


الإبتساماتإخفاء