دعموا الانقلاب خوفا من الديمقراطية

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


رشيد أخريبيش
بعد الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي لمصر محمد مرسي سارعت دول عربية وإسلامية إلى تهنئة العسكر على ذلك الانقلاب الذي أّجهض حلم المصريين بمعانقة الحرية التي ضحى من أجلها الشعب بالغالي والنفيس ،حيث أكدت هذه الأنظمة على أنها تحترم إرادة الشعب " العسكر" وما عليها إلا أن تبارك لمصر ولأبنائها بمناسبة هذه اللحظة التاريخية .

من الملاحظ ّّّأّن ردود الفعل بهذه السرعة التي شاهدناها من زعاماتنا العربية والإسلامية حول مباركة الانقلاب الذي قام به العسكر هو دليل كاف على أن هذه الأنظمة الديكتاتورية تخاف أن تصلها التجربة المصرية وأن تصلها رياح الثورة التي أسقطت النظام السابق الذي عاث في بلاد مصر فسادا فكانت الفرصة هي هذه المؤامرة التي دبرها الجيش بدعم من الغرب الذي أبدى سعادته بهذا الانقلاب ومن دول الخليج التي تنفست الصعداء بعد هذا الانقلاب الناعم على الشرعية .
ربما الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي وفي دول المغرب الكبير تعتقد أنها لن تجد أفضل من هذه الفرصة للتخلص من التيار الإسلامي الذي يقلقها خاصة بعد تخوف من استنساخ التجربة المصرية في العديد من الدول التي يحكمها العسكر أو التي تحكمها أنظمة جملوكية ، لكنها ربما ستكون مخطئة في هذا الطرح فبعد هذا الانقلاب ستأتي الرياح بما لا تشتهيه سفن هؤلاء الذين لا يريدون لهذه الصحوة الإسلامية أن تتطور وتنتقل إلى دولهم ، فكيف يريدون للأمور أن تهدأ في مصر وقد تدخل الجيش وسرق الشرعية من يد أبناء المصريين بعزل الرئيس المنتخب ، بل والزج به في السجن هو وبعض القيادات من جماعة الإخوان ؟
نعتقد وبكل أسف أن الأمور في مصر لن تتوقف عند هذا الحد الذي يحاول الإنقلابيون تصويره بل ستتطور إلى الأسوأ خاصة بعد استمرار الجيش في شن حملة ضد مؤيدي الرئيس المخلوع ، واستعمال الرصاص الحي ضد المتظاهرين الذين وقفوا في وجه هذه العملية والذين يطالبون بعودة الشرعية.
الانقلاب الناعم الذي أقدم عليه الجيش الذي خرج عن دوره المتمثل في حماية الحدود إلى التدخل لحماية فصيل وإقصاء فصيل آخر  هوبداية لولادة الانقسام الحقيقي بين أبناء الشعب المصري وليس وضع حد له كما تدعي قيادة الجيش التي دبرت هذا الانقلاب واستطاعت أن تجد له الغطاء المدني عبر تنصيب رئيس يمثل إرادة الانقلابيين ، أنصار الرئيس محمد مرسي بالرغم من أنهم لا زالوا يتمسكون بسلمية التظاهر حتى استرجاع الشرعية  إلا أنهم لا يستبعدون أن يلجأوا إلى العنف إذا ما تطورت الأوضاع ولم يتراجع الجيش عن هذا الانقلاب .
الدول الغربية التي كانت قلقة من وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر والتي كانت تشنف أسماعنا بالديمقراطية ومبادئها وتحاضر في الحرية وتعطي دروسا للعالم الإسلامي في التغيير والانتقال الديمقراطي لم تحرك ساكنا تجاه هذا الانقلاب ، ما يعني أنها شريكة في هذه المؤامرة وأن مسؤولياتها لا تقل عمن قام  بهذا الانقلاب الذي وأد الديمقراطية وحكم على الثورة بالمؤبد ، وظهرت على حقيقتها التي حاولت على مر عقود إخفائها .
الغرب شريك في هذا الانقلاب ، لأنه لا يريد لمصر الكنانة أن يحكمها التيار الإسلامي الذي يعتبر في نظرهم خطرا على الكيان الصهيوني ، بل أرادوا من وراءه دعم التيارات العلمانية التي لا تخفي ولائها للغرب وللصهاينة ، لذلك اتخذت موقف المتفرج على ما وقع في مصر من أجل أن يحقق هذا الانقلاب  آمال كل من كان يقلقه حكم الإسلاميين وإعطاء فرصة للعلمانيين واللبراليين  من التحكم في مصر وبذلك عودة رموز النظام السابق إلى الساحة بعد أن أسقطتهم إرادة الشعب المصري في ثورة 25 من يناير.
ربما البعض سيذهب إلى حد اتهامنا بالأخونة والدفاع عن الرئيس محمد مرسي لمجرد أننا أطلقنا على ما وقع في مصر انقلابا عسكريا ، لكن لدينا بعض الأسئلة التي يراد من خلالها لهؤلاء الإجابة عنها  ماذا يمكن أن نسمي احتجاز الرئيس المنتخب وقيادات في حزب الحرية والعدالة ؟ وماذا يعني شن حملة على الإعلام المتعاطف مع الرئيس والذي يقف ضد قرار الجيش هذا ؟ وماذا يعني أن يوجه الجيش الرصاص إلى كل من يهتف بعودة الرئيس الشرعي للحكم ؟ ألا يعتبر هذا انقلابا عسكريا مكتمل الأركان؟
الليبراليون الجدد بعد أن تكشفت عوراتهم التي تدعو إلى الديمقراطية المزيفة ، وبعد فشلهم الذريع في إقناع الشعوب بمشروعها الليبرالي العميل ، لم يبق لها سوى طريق الانقلاب على الشرعية لإعادة مشروعها البائد إلى الحياة ، لكنها ستفشل حتما بعد خروجها عن قواعد اللعبة التي صنعتها هي نفسها والتي تتنكر لها الآن ، وستفقد ما بقي لها من ثقة لدى الشعب ، بل وسيكون مصيرها الفشل في النهاية والأمثلة كثيرة في عالمنا العربي والإسلامي .
ما يجب أن تعرفه الدول الديكتاتورية في العالم العربي وفي دول المغرب الكبير التي طبلت لهذا الانقلاب أنها مهما حاولت أن تستمد شرعيتها من الغرب خوفا من أن تصل إليها رياح التغيير فإنها  حتما لن تنجح لأنه لم يعد لديها ما تبرر به حكمها الديكتاتوري السلطوي ، فالديمقراطية أصبحت أقرب إليها من حبل الوريد وصناديق الاقتراع التي تخيفها هي في طريقها إلى أن تثبت أقدامها في بلدانها ، وما عليها إلا الاستعداد لها في جميع الحالات.


0 تعليق على موضوع " دعموا الانقلاب خوفا من الديمقراطية"


الإبتساماتإخفاء