لماذا يتخوف الليبراليون من الديمقراطية؟

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
قالوا لنا الديمقراطية قلنا أهلا وسهلا، فلما احتكمنا إلى الديمقراطية قالوا إنها ليست كذلك، بل هي ديكتاتورية جديدة، وعندما عرضنا الاحتكام إلى الشارع رفضوا ذلك بدعوى أنهم الأقلية، للأسف الشديد هذه هي الديمقراطية الليبرالية.
عندما استطاع الشعب المصري أن يتخلص من فرعون العصر عبر ثورته المجيدة كانت دعوات الليبراليين إلى الاحتكام إلى الشارع عبر صناديق الاقتراع التي اعتبروها هي المفصل ما بين الشعب المصري، بالفعل جاءت الانتخابات واستطاع الإسلاميون أن يفوزوا بالأغلبية ،لكن هؤلاء لم يستسيغوا لهذا الأمر وقرروا الخروج إلى الشارع مرة أخرى ورفعوا شعارات تدعو إلى إسقاط النظام بدعوى أن الرئيس الجديد ديكتاتور يريد إعادة نفس السيناريوهات القديمة عبر فرضه دستورا يعطي صلاحيات للرئيس على حساب الشعب ،فلما دعوا إلى استفتاء شعبي على الدستور رفضوه جملة وتفصيلا.
إذن بعد هذا نتساءل ما هي الديمقراطية التي يريدها الليبراليون أو بالأحرى ماذا يعني الليبراليون بالديمقراطية ؟ليست مصر الحالة التي يرفض فيها من يسمون أنفسهم باللبراليين نتائج الديمقراطية مع العلم أن هؤلاء هم من يصدعون أسماعنا بهذا المصطلح صباح مساء،بل سبق وأن أعاد هؤلاء نفس التجربة في فلسطين عندما استطاعت حماس أن تفوز بالإنتخابات ،لتضيق الأرض بهؤلاء ثم خرجوا وأعلنوا أن حماس انقلبت على الشرعية ،نفس السيناريو يعاد مرة ثانية  في مصر عندما وجد اللبراليون أنفسهم أمام واقع فرض فيه الإسلاميون تواجدهم بشكل جعل هؤلاء يرفضون نتائج الانتخابات الديمقراطية .
فالليبراليون بعد هذا الذي يحدث يتبين أنهم لا يملكون مشروعا ولا برنامجا سياسيا ،لذلك دائما يتحدثون عن الديمقراطية ،ويبحثون دائما عن الديمقراطية بالرغم من أنهم يكفرون بمبادئ هذه الأخيرة  .
إذا صدقنا رواية "المعارضة" وصدقنا مقولة أن الإعلان الدستوري الذي أعلن عنه الرئيس المصري يمهد لديكتاتورية لم يعرفها التاريخ المصري ،وأن الإخوان قد أحكموا قبضتهم على مصر أكثر من أي وقت مضى فلماذا ترفض المعارضة الاستفتاء على الدستور علما أنه هو القادر على أن يفصل المعركة بين هؤلاء ،ولماذا تتعنت هذه الأخيرة في رفض الآخر في الوقت الذي تشتكي وتدعي أن هناك مخططا من طرف النظام لإقصائها.؟
إذا كان هؤلاء يعتبرون هذا الدستور غير ديمقراطي فليتفضلوا ويسارعوا لإيقافه عبر المشاركة في استفتاء ويصوتوا ضد الدستور فهذه هي الديمقراطية، فالدستور إن رفضته أغلبية الشعب فلن يستطيع الرئيس  فرضه كرها على الشعب المصري ولن يستطيع فرض أرائه الديكتاتورية كما يفضل هؤلاء تسميتها .
فالمسألة لا تتعلق بهذا الدستور ولا بمضمونه وإنما المشكلة عند هؤلاء تكمن في الشعب المصري الذي سئم من برامجهم الجوفاء والتي تفتقر لرؤية  واضحة نحو المستقبل ،فهؤلاء يخافون من صناديق الاقتراع التي عودت أن تصفعهم وتردهم على أعقابهم خاسئين ،لذلك يرفضون فكرة الاحتكام إليها ،ويتشبثون بفكرة الخروج إلى الشارع.
فالدستور المصري الذي يجري الاستعداد لإجراء استفتاء عليه ربما لا يوجد دستور شبيه به في العالم العربي ،وأن صلاحيات الرئيس تقتصر فقط على الدفاع والأمن القومي والساسة ، أما الحديث عن صلاحيات واسعة قد أعطيت للرئيس فهذا فقط ما يحاول فلول النظام السابق ترسيخه لدى الشعب المصري ومحاولته لإجهاض الثورة جملة وتفصيلا.
فبقايا النظام منذ الثورة المجيدة وهم يحاولون البحث عن طريقة يقفون بها أمام ذلك التحول الذي حققه المصريون ،لذلك بدؤوا بحل البرلمان الذي انتخبه المصريون بطريقة شفافة ونزيهة ،ثم تلته بعد ذلك حملتهم المغرضة التي حاولت أن تعيق عمل الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور.
لا نعرف أين كان هؤلاء الليبراليون في عهد مبارك الذي كان قد سن دستورا خاصا لنفسه، والذي كان قد جثم على صدورهم لعقود دون أن نسمع لهؤلاء ولو حديثا ينتقدون فيه النظام البائد، أما عندما تعلق الأمر برئيس شرعي جاء عبر انتخابات حرة شهد العالم على نزاهتها سارع الكل إلى انتقاده بل ومطالبته بالرحيل لمجرد إعلانه الدستوري .
يمكن القول أخير ديمقراطية الليبراليين قد ظهرت على حقيقتها وظهرت محاولاتهم التي يسعون من خلالها إلى الانقلاب على الشرعية وإعادة مصر إلى سيرتها الأولى ،وظهرت مخططات هؤلاء لخدمة أمريكا التي حاولت منذ نجاح الثورة إلى عرقلتها خاصة بعد أن أحست أن مصر لم تعد مصر الحامية لإسرائيل ،بل العكس من ذلك أصبحت هي الدولة التي تهدد الكيان الصهيوني بشكل جعل هؤلاء يدافعون عن فكرة إسقاط النظام الجديد .
5/12/2012

0 تعليق على موضوع "لماذا يتخوف الليبراليون من الديمقراطية؟"


الإبتساماتإخفاء