يا ليتهم تعلموا الدرس من ملكة بريطانيا

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
لأول مرة ستحضر فيها ملكة بريطانيا اجتماع الحكومة منذ اعتلائها العرش سنة 1952 بصفتها مراقب،لا أقل ولا أكثر ،فالملكة التي تسود ولا تحكم في بريطانيا لم يكن حضورها سوى حضورا شرفيا كان بدعوة من الحكومة الائتلافية ،لن يتجاوز 90 دقيقة على الأكثر.
يا ليت ملوك العالم العربي ودول الخليج تعلموا هذا الدرس من ملكة بريطانيا هذه التي ضربت مثالا صارخا في الديمقراطية قولا وفعلا ،وجسدتها على الأرض بكل معانيها ،ليتهم تعلموا معنى الديمقراطية التي يشنفون بها أسماعنا دون أن يؤمنوا بها،ليتهم تعلموا معاني الملكية ،و فطنوا قواعدها .وياليتهم أيضا فهموا الفرق بين السيادة والحكم .
ما يحدث في بريطانيا من تقدير واحترام لشخص الملك ومن رمز يتم الإجماع عليه لم ينبع من فراغ ،ولم يأت عبر سياسة البطش ولا عن عقلية الاستعباد ، وإنما جاء عبر مسار طويل أبانت الملكية عن فهمها العميق للحكم والتنازل عن حقوق ليست من اختصاصها واكتفت بالاحتفاظ برمزية وجودها التي تمكنها من الحصول على الشرعية والاحترام من كافة الشعب .
ما نراه في بريطانيا من مثال يحتدى به في الديمقراطية عكسه ما تعيشه الدول العربية والإسلامية، التي تفضل أن تقارن نفسها ببريطانيا التي يسود فيها الملك ولا يحكم والتي قدمت نموذجا للنظام الملكي البرلماني في كل دول العالم ،في الوقت الذي تحضر فيه ملكة بريطانيا اجتماع الحكومة عبر دعوة من أعضاء الحكومة تجد ملوك العالم العربي يتدخلون في كل شي فيجمعون بين السلطة والسيادة والحكم .
ربما نقبل بالطرح الذي يقول أن هناك تشابه بين النظام الملكي البرلماني البريطاني والنظام الملكي البرلماني في الدول العربية التي فضلت أن تشير في دساتيرها إلى أن نظامها نظام برلماني ، لكن الواقع يثبت أن هناك تباعد وتنافر بين هذه الأنظمة والنظام البريطاني وأن المقارنة بين هذين المثالين ستسقطنا فيما لا تحمد عقباه.
في الآونة الأخيرة بعد أن عصفت رياح التغيير بهذه البلدان، و أحست الأنظمة الملكية بخطورة الأمر وبعد مطالبات الشعوب بالملكية البرلمانية استجابت هذه الأنظمة لهذه المطالب وغيرت دساتيرها ونصت بذلك على الملكية البرلمانية ، لكن حلم الملكية البرلمانية التي كانت الشعوب العربية والإسلامية تتمناها وتنادي بها بقيت حبيسة الأوراق لم تعرف طريقها إلى حيز التنفيذ .
كيفما كانت الأنظمة الملكية بالعالم العربي برلمانية أودستورية فإنها لا تحتاج للعودة إلى  دساتيرها  لتستمد نظام الحكم منها بل تلك الدساتير وضعت فقط لامتصاص شرارة تلك الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح ، فالملكيات العربية تسود وتحكم وتبسط نفوذها وتتحكم في الشعوب وترفض كل مطالبة تدعو إلى التغيير حتى وإن اقتصرت فقط على صلاحيات الملك دون مناقشة شخص الملك  ومدى مشروعية حكمه .
ليت هذه الأنظمة الملكية تعلمت من ملكة بريطانيا و ليتها استقت الدروس من نظامها البرلماني وليتها تنازلت من صلاحياتها لشعوبها ،واكتفت بالسيادة دون الحكم ،لربما ستكتسب شعبية أكبر ويتم احترامها من الجميع كرمز لوحدة الشعب واستقراره.



  

0 تعليق على موضوع "يا ليتهم تعلموا الدرس من ملكة بريطانيا "


الإبتساماتإخفاء