الائتلاف السوري وحلم الثورة المؤجل

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0




رشيد اخريبيش

بعد جهود مضنية عادت المعارضة السورية لتوحد صفوفها حيث اختارت زعيما لها السيد الخطيب ،كان مجموعة من ممثلي الدول العربية ممن حضروا ذلك الاجتماع الذي عقد في الدوحة ،قد تحدثوا بكل ثقة على أنهم في طريق تحرير سوريا من براثن النظام بشار الأسد الذي لا زال يقتل ويذبح ويدمر ويرفع صوته إلى العالم كله بأن حربه لا زالت مطولة وأنه لن يتنازل عن السلطة مهما حدث، وكيف يستسلم وهو من أكد أخيرا أنه لن يتنازل ويفضل الاستمرار في الحرب ضد ما أسماهم المتآمرين مهما كلف ذلك من تضحيات ولوكان ذلك على حياته.
ما قاله وزير الخارجية القطري عندما تحدث عن الأزمة السورية حيث تفضل بالقول بأن قطر والدول العربية بشكل عام ستعمل كل ما في وسعها من أجل الاعتراف بالائتلاف السوري ،حيث بدا من خلال كلامه أن الحل بيد العرب والغرب وتجاهل أن الأزمة أكبر من أن تكون نهايتها على يد الجامعة العربية ،فالسؤال الذي يطرح و الذي أمامه علامة استفهام ضخمة هو هل ستستطيع الدول العربية وقطر بالتحديد التي أصبحت تلعب دورا مهما في دعم الثورات في العالم العربي والإسلامي أن تصنع ما عجزت عن صنعه الدول الغربية ؟ أو بالأحرى كيف يمكن للدول العربية العاجزة حتى الآن عن اتخاذ أي قرار أن تستنجد بالغرب الذي لم يستطع أن يتخذ قرارا حاسما في ما يحدث في سوريا ؟
فهذه الدول العربية أو هذه الجامعة الأمريكوعربية لا تملك في حقيقة الأمر أي موقف شجاع إزاء ما يحدث في سوريا ولا في أي منطقة من العالم ولا تملك أي سلطة في إصدار أي قرار، اللهم إذا كانت بعض الشعارات التي ما فتئت تحملها في ذلك من انبطاحها للغرب والتي لا تخطوا خطوة إلا باستشارة منه.
فالمسألة في سوريا لا تتعلق بزوال النظام السوري ولا بمصيره ،لكن المشكلة الحقيقية تكمن بالأساس في الشعب الذي تنهمر عليه الصواريخ صباح مساء والذي يواجه الرصاص من كل حدب وصوب والذي يتمنى يوما تتوقف فيه المجازر إما انتصارا للثورة ضد النظام أو انتصارا للنظام على الثورة كلا الخيارين موجود عند الشعب السوري .
حتى وإن سلمنا جدلا أن الدول العربية والمعارضة السورية نجحتا في إقناع العالم الغربي بشرعية الائتلاف السوري كممثل شرعي للشعب السوري فما هي الإضافة أو التغييرات التي ستطرأ على الأزمة السورية خاصة وأن النظام في سوريا لم يعد يبالي بما يقع في دهاليز البيت الأبيض ولا في اجتماعات الجامعة العربية التي لم تحقق ولو انجازا واحدا منذ تأسيسها .
فما نراه في الواقع السوري لا يبشر بقرب انتهاء الأزمة ،فالحرب التي أعلنها النظام السوري المجرم على الشعب السوري الأعزل لا زالت في طريقها نحو القضاء على الثوار وعلى من يدعمهم بدعوى أن هؤلاء عملاء للغرب وأمريكا.
نعتقد وبكل أسف أن الثورة السورية لن تعرف طريقها إلى الحل بتلك السرعة التي تحاول بعض الدول العربية تصويرها ،فالأزمة بدأت تستفحل والعلاقة بين الشعب السوري تتباعد ،خاصة بين بين العرب والأكراد في سوريا ،الذين باتوا غير مطمئنين للثوار الذين يقاتلون من داخل مناطقهم ،وهذا ما لم يستسغ له الأكراد في سوريا حيث باتوا يواجهون الثوار بالسلاح معتبرين أن كل سوري ملزم بأن يقاتل من موقعه ،ولا يجوز لأحد أن ينصب نفسه قائدا على السوريين ولا أن يزايد على وطنيتهم .
ربما يقول قائل إن المعارضة السورية بعد هذا الاتفاق وبعد اختيار زعيم موحد تكون قد وحدت صفوفها بعد التقسيم الذي كانت تعاني منه في السابق كي يتسنى للغرب الاعتراف بها وتكتسب الشرعية الدولية للتعامل معها لكن إذا كانت المعارضة قد وحدت صفوفها واختارت الرجل المقبول من جميع الأطراف ،وإذا كانت بعض الدول الغربية الصديقة والمعادية للنظام السوري ستعترف بها لا محال فإن هناك واقع آخر يجعل من مهمة المعارضة أمرا صعبا خاصة وأن النظام لا زال في قوته يدمر سوريا عن بكرة أبيها، مستفيدا من دعم بعض الدول مثل روسيا والصين ثم ايران الحليف الأبدي وصاحبة المشروع داخل الشرق الأوسط .
فالائتلاف السوري الذي تم تحت إشراف عربي وبدعم أمريكي قد لا يعرف طريقه إلى النجاح ما دام أن بعض الدول ما زالت ترفض الاعتراف بالثورة السورية وبتلك المبادرات التي تأتي من بعض الدول العربية الداعمة للثورات العربية ،وهذا ما يمكن لنا ملاحظته مؤخرا من أن قادة الجيش البريطاني رفضوا خطة رئيس الوزراء البريطاني المتعلقة بإرسال قوات إلى سوريا حيث اعتبروا أن الأوضاع مختلفة تماما عن ليبيا باعتبار أن النظام السوري يمتلك أسلحة متطورة بالإضافة إلى الدعم الروسي له.
ربما تكون المعارضة السورية قد خطت خطوة إضافية نحو توحيد صفوفها المنقسمة لكن الطريق لا زال طويلا وشاقا نحو تحقيق أهدافها الكاملة والمتعلقة بإسقاط النظام وتطهير سوريا من براثنه ثم التفكير في كيفية التعامل مع الوضع السوري الذي لا يسر صديقا ولا عدوا.

0 تعليق على موضوع "الائتلاف السوري وحلم الثورة المؤجل"


الإبتساماتإخفاء