بعد الثورة على الحكام جاء دور الأمريكان

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

أخريبيش رشيد
بعد الثورات الديمقراطية التي استطاعت أن تسقط أنظمة ديكتاتورية وانتقلت بالشعوب من غياهب التسلط إلى عالم الحرية والكرامة وذلك بتعاون ومباركة غربية وأمريكية كانت سببا في تسريع تلك الثورات والتخلص من حكام جثموا على صدور الشعوب لسنين عديدة ،لكن هذه الثورات على ما يبدو لم تكن عند حسن تطلعات الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تعتقد أن أولئك الثوار الذين دعمتهم بالسلاح ومهدت لهم الطريق لتحقيق النصر على الحكام سيقدمون لهم الورود ورد لهم ما تعتبره جميلا قدمته لهم لكن الرياح غالبا ما تأتي بما لا تشتهيه السفن ،وأن السحر انقلب على الساحر وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية في مأزق التعامل مع الثورة التي أنتجت في الغالب حكومات إسلامية هي الآن تكن عداء للأمريكان والغرب بشكل عام .
يمكن قراءة ما وقع مؤخرا في مصر من إحراق للعلم الأمريكي وما حدث من هجوم على السفارة الأمريكية في ليبيا  والذي أدى إلى مقتل السفير الأمريكي وعدد من الموظفين في السفارة من خلال زاوية واحدة هي أن الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب التي كانت قد أعلنتها القاعدة والتي كانت على وشك أن تضع أوزارها عادت من جديد إلى سابق عهدها ،لتعيد المشهد الإسلامي الغربي إلى الواجهة وظهور الأزمة  بين قطبين كان كل واحد منهما على مر التاريخ يكن عداء للأخر.
فالولايات المتحدة الأمريكية كانت تعتقد انها بعد مساعدتها للشعوب العربية ومباركتها للثورات ودعمها للجيوش الحرة ستبقى هذه الشعوب تابعة لها وتبقى تلك الدول مستعمرات أبدية لها تحركها كيف شاءت ،بغض النظر عمن قام بالفعل أكانت القاعدة والتي تزامن ذلك مع ذكرى أحداث سبتمبر أم أطراف أخرى ممن يكنون عداء لأمريكا خاصة بعد عرض الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنتجه مهاجرون قبطيون في الولايات المتحدة لكن على ما يبدو فالنتيجة واحدة كره متزايد وغضب شديد ضد أمريكا وضد مصالحها وهاجس الانتقام منها هو السائد.
يمكن القول أن الشعوب العربية والإسلامية وإن كانت تطلب النجدة من أمريكا والغرب فهذا لا يعني أن هذه الدول التي ثارت على حكامها ستبقى ملكا أبديا لأمريكا والغرب الذي لا تهمه مصلحة الشعوب العربية بقدر ما تهمه مصالحه الخاصة والتي يحاول تحقيقها مستعملا في ذلك جميع الطرق .
فأمريكا التي كانت دائما تشنف أسماع العالم بأنها داعمة الشعوب نحو تقرير المصير وتحقيق الحرية بينت على نفاقها نحو العالم العربي والإسلامي بعد الثورة السورية المجيدة في سوريا التي يبيد فيها النظام السوري شعبا بأكمله دون أن تعلن أمريكا عن موقفها من الثورة كما فعلت مع القذافي الذي أعلنت عليه الحرب وأراحت من شره البلاد والعباد ،حيث بدأت هذه الأخيرة بإعطاء مهلة للنظام السوري لارتكاب مزيدا من الجرائم في حق الشعب السوري الأعزل .
ما من شك أن الولايات المتحدة والغرب بشكل عام  لا يتوانون على القيام بأي عمل من شأنه تحقيق أغراضهم ومصالح دولهم وشعوبهم ،بغض النظر عن تلك الشعارات التي ترددها أمريكا  والتي تحاول من خلالها إظهار للعرب والمسلمين أنها تحاول تحقيق الأمن والود والتعاون بينها وبين  دول العالم .لكن الأيام والأحداث والوقائع أظهرت ما كانت تخفيه أمريكا وأزالت اللثام على مشروعها الذي تحاول من خلاله أمركة العالم والسيطرة على دول وقيادة شعوب هي الآن في طور التخلص من أنظمة استبدادية في العالم العربي والإسلامي .
فالولايات المتحدة الأمريكية والغرب يمكن القول أنهم الآن في أزمة ،بعد أن بدأت ترى أن هناك تباعدا بينها وبين تلك الدول التي كانت قد دعمتها في ثورتها ضد الحكام ،فأمريكا بدعمها للدول العربية لم تكن نيتها إسقاط أنظمة ديكتاتورية وتخليص الشعوب من شرها ،وإلا لماذا لم تعلن عن الحظر الجوي وتسليح المعارضة السورية وتنقذ ذلك الشعب الذي يعيش على رحمة القنابل وقصف الطائرات ليل مساء.فأمريكا التي كانت قد دعمت الثوار تارة بمواقف مخجلة وتارة بقرارات متذبذبة هو من أجل ردع إيران لا أقل ولا أكثر حيث بعد احتلال العراق أصبحت إيران الهدف الوحيد والأوحد للولايات المتحدة الأمريكية بعد العراق وأفغانستان بدعوى أنها واحدة من دول محور الشر التي حددها الرئيس الامريكي السابق بوش الابن في ثلاث دول هي إيران  والعراق ثم كوريا الشمالية .
بطبيعة الحال هذا المنظور الأمريكي للدول العربية والإسلامية والتي تحاول من خلاله استعمال هذه الدول كورقة للضغط على إيران هو لم يعد منظورا صالحا على ما يبدوا بعد الثورات الديمقراطية التي أنتجت حكومات لم تعد في قبضة الولايات المتحدة وشعوبا ترفض التبعية والاستسلام ومستعدة للدفاع عن أوطانها مهما كلفها ذلك . 

0 تعليق على موضوع " بعد الثورة على الحكام جاء دور الأمريكان"


الإبتساماتإخفاء