أهلا بليبيا ما بعد العقيد

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0



أخريبيش رشيد

بعد الحراك الشعبي الذي انطلق في مطلع العام 2010،وبعد الثورات التي عصفت بالعالم الإسلامي والتي أدت إلى إسقاط أنظمة ديكتاتورية جثمت على صدور الشعوب لعقود طوال،نعود ونسمع من جديد انفراج العلاقات بين ليبيا والمغرب،وعن علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين ،خاصة بعد الاتفاق الذي تم والمتعلق برفع التأشيرة وتسهيل تنقل المواطنين،لتكون المغرب وليبيا بذلك قد فتحتا عهدا جديدا بعد رحيل العقيد معمر القذافي الذي كان دائما يكن عداء صريحا للمغرب ،وذلك بدعمه للانفصاليين على الدوام.
من المعلوم بعد الثورة الليبية المجيدة،وبعد نضال شعبها الوفي ضد أكبر ديكتاتور عرفه التاريخ الحديث،عادت ليبيا الحرة لتفتح أبوابها للبلد الشقيق الذي كان دائما مع ليبيا الجديدة ومع ثورتها منذ انطلاقها،وإن كانت المساندة تقتصر فقط على الدعم المعنوي الذي تمثل في الاعتراف بالمجلس الوطني الذي أعلن الحرب ضد من كان يسمي نفسه ملك ملوك افريقيا والزعيم الأبدي لليبيا ودول المغرب الكبير،وتجاهل أن ساعة الحقيقة عندما تدق سيكون الحسم لامحال.فالدولة الليبية والمغربية عادتا من جديد واستطاعتا اختزال كل تلك السنوات من القطيعة لتي لم تكن لتحدث بين شعبين يجمعهما أكثر ما يفرقهما لا من حيث الدين ،ولا من حيث اللغة ولا من حيث الجغرافيا
إذن بهذا الاتفاق ستدخل العلاقات المغربية الليبية منعطفا جديدا في مسار تسوية الخلافات وطي صفحة الماضي بين البلدين الشقيقين اللذان ينتميان إلى حظيرة دول المغرب الكبير الذي طال حلم تحقيق وحدته نظرا لوجود مجموعة من القضايا الخلافية التي لازالت عالقة إلى يومنا هذا خاصة قضية الصحراء  المغربية بين المغرب والجزائر التي تستعمل جبهة البوليزاريو كورقة للضغط بها على المغرب،وترفض أي تسوية مع المغرب دون حل توافقي يرضي جميع الأطراف على حد اعتقادها.ليبيا الداعمة للانفصال أينما كان وكيفما كان في عهد معمر القذافي، أصبحت على ما يبدو أنها أصبحت مختلفة تماما بعد رحيل ملكها المعظم ،الذي عانت معه الشعوب العربية بل شعوب العالم ويلات مخططاته الجهنمية.
من الملاحظ أن عمق الأزمة والتي أدت في النهاية إلى  نفور في العلاقات بين المغرب وليبيا،بل يمكن القول أنها أدت إلى جمود بدأ مع سنة 1992 بعد حادثة لوكربي التي اتهمت عناصر ليبية بأنها المسؤولة عنها وتم على إثره فرض عقوبات على ليبيا ،مما أدى بالمغرب ودول ما يسمى اتحاد المغرب العربي أن أيدت الحصار عليها لتدق  بذلك إسفين التباعد بين تلك الدول،ليبقى الصراع هو السائد حتى بداية  ثورة الربيع الديمقراطي التي استطاعت أن تخلط جميع الأوراق ،وحتمت على البلدان المغاربية إعادة النظر في علاقاتهم وترك كل ما يفرقهم ،وجعل مصلحة الشعوب فوق كل اعتبار
بالرغم من الضجة التي أثارتها وسائل الإعلام الليبية في الأيام الأخيرة الماضية حول المعاملة التي يحضى بها الليبيون أثناء دخولهم التراب المغربي والتي اعتبرت من طرف الدولة الليبية إهانة للشعب الليبي ككل،إلا أن ليبيا مع ذلك لم تنسى جميل ما قدمه المغاربة في سبيل ثورتهم التي ساندوها بعد أيام من انطلاقها،حيث كان المغرب قد اعترف بالمجلس الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي ،لتكون ليبيا بالفعل قد طوت صفحة من صفحاتها البغيضة،ومرحلة مظلمة من تاريخها المليء بالحماقات السياسية التي دأب عليها العقيد معمر القذافي،والذي لم يدع بلدا في العالم العربي والإسلامي إلا وخلق له قلاقل سياسية داخلية،بل حتى العالم الغربي لم يسلم من أياديه البغيضة المتعطشة لإشعال الفتن. لذلك كان في عهد ماضيه القريب حريص كل الحرص على تفكيك الدول وجعلها دويلات قابلة للتفريق ،ليبقى هو الزعيم الذي لا يقهر،فمن منا لا يتذكر جبهة المرتزقة،من منا لا يتذكر دولة السودان التي أنشئت حديثا والتي كان القذافي قد دعمها بالسلاح عبر دولة اليمن.أيضا حركة أزواد في مالي والتي كان يدعمها إلا أنه لم يكن متفقا معها في مرجعيتها ،لأنه ضد فكرة أن تقوم دولة امازيغية في شمال مالي . 
لا شك أن بعد رحيل القذافي وبعد أفول نظامه البائد ستفتح ليبيا الجديدة صفحة جديدة في علاقاتها مع دول المغرب الكبير ودول العالم بأسره باستثناء من كان ضد الثورة وكان ممن دعموا القذافي وقفوا في وجه الثورة ، فليبيا الحرة بشعبها الوفي لن يقبل أبدا بتلك المسرحيات التي قدمها الزعيم البائد، ولن يقبل بخلق أعداء من إخوته في المغرب الإسلامي ولا في العالم العربي ،بل على العكس من ذلك فهي الآن تفتح الأبواب في وجه كل من يحترمها ويقدر شعبها ويسعى إلى العيش جنبا إلى جنب معها بعيدا عن الأحقاد التي تعود الزعيم السابق وأذنابه زرعها لكن دون جدوى.
بعد هذا الاتفاق بين المغرب والدولة الليبية بلا شك ستشهد علاقات البلدين نقلة نوعية نحو ترسيخ أواصر التعاون بين البلدين، بل يمكن القول أنها بادرة حسن نية من طرف الشعب الليبي لإقامة علاقة الصداقة بين البلدين الشقيقين.أن تعلن الدولة الليبية رفع التأشيرة عن المواطنين المغاربة حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة والجوازات الخاصة فهذا ما يجعلنا نتنفس الصعداء ،ونأمل خيرا في دولة ليبيا الجديدة بعد الثورة التي نجزم بأن بوادر حسن النية لديها ظاهر للعيان.




0 تعليق على موضوع "أهلا بليبيا ما بعد العقيد"


الإبتساماتإخفاء