ماذا عن قنواتنا الإعدامية

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


أخريبيش رشيد



لم أكن أفضل الحديث عن قنواتنا الإعلامية الهدامة، ولم أكن أريد مناقشة ما تقدمه هذه الأخيرة من برامج موجهة لعموم الشعب المغربي،لكن بعد أن كثر الحديث عنها خاصة في شهر رمضان المبارك والذي عادة ما تكثر فيه القنوات من برامجها التي تحاول من خلالها جذب المشاهد والتي عادة ما يكون فحواها لا صلة له بالمادة الإعلامية الهادفة والتي لا تمت بأخلاقية المهنة بصلة ولا تحترم ذوق الجمهور الذي لولاه لما  بقيت هذه  القنوات حية ترزق، ولما استمرت في نهج سياسة "الحموضة والبسالة" حتى إشعار آخر.
كعادتي لم أكن أتابع قنواتنا الإعلامية ولم تكن لدي الرغبة في أن أتابعها،لكن من أجل معرفة ما يحدث داخل بلدي ومعرفة مجريات ما يقع قررت أن أضع هذه القنوات عن كثب وأكشف عما قدمته و تقدمه هذه الأخيرة للشعب المغربي خاصة في شهر رمضان المبارك الذي كان من الأولى لهذه القنوات الإعلامية أن تحترم فيه مشاعر الشعب المغربي بدل الاستهزاء به و إعطاءه مادة إعلامية على طبق من الرداءة، لا من حيث الجودة ولا من حيث  احترام أخلاقيات المهنة  ،قنواتنا الإعلامية بدون استثناء لا يمكن أن نسمي ما تقدمه بالمادة الإعلامية لأن  من يسعى إلى تحقيق الجودة واحترام ذوق مشاهديه،  يحاول في المقابل احترام مجموعة من المعايير التي يبقى فيها الإبداع هو بيت القصيد ،وتبقى الجودة هدفه الأمثل .
إن المتتبع لما تقدمة قنواتنا الإعدامية عفوا الإعلامية سيصيب بالدهشة بل أحيانا بالخيبة خاصة في شهر رمضان الأبرك، الذي بدأ فيه إعلامنا بسلك طريق الرداءة وعدم احترام المواطن ،والاستهزاء به واعتباره سلعة رخيصة يقبل كل شيء ،فالسؤال الذي يطرح هنا هو كالتالي ما هو الجديد الذي جاءت به قنواتنا الإعلامية في شهر رمضان؟ما هي الإضافة الجديدة التي أطلعتنا عليها هذه المرة،دعونا قراءنا الأعزاء لنكن موضوعيين أكثر من اللازم ،ولكي لا نتهم بأننا أعداء للحداثة والتغيير ،أن نقدم لكم بعضا مما تقدمه هذه القنوات لتكونوا أنتم الحكم،فبدل أن تتحفنا قنواتنا الإعلامية ببرامج تثقيفية وتعليمية ودينية ،تفطرنا على وقع برامج الضحك التي في حد ذاتها ضحك نظرا لافتقار الاحترافية والإتقان والجودة في اختيار المواضيع التي تناسب الجمهور الذي ينتظر بشغف أن تأتيه قنواته بما يناسب مشاعره وأخلاقه وثقافته.
فقناتنا الثانية أعود وأزيل كلمة قناتنا حتى لا نظلم الشعب المغربي الأبي منذ إنشاءها لم تقدم  للمغاربة سوى الأحزان ،لم يقتصر دورها التدميري على مسلسلاتها المدبلجة التي فسدت وأفسدت وجعلت بيوتنا مرتعا لانتشار الفساد والرذيلة ، بل تعدى ذلك التطاول على أخلاق المغاربة حتى في شهر رمضان المبارك ،ما هي الفائدة التي يتوخاها المغاربة من برنامج جار ومجرور الذي تنفق على حلقة (فلوس صحيحة) دون ادني احترافية تذكر،إضافة إلى أن بعضا من هذه الحلقات تفتقد للهدف بل لا تملك معنى أصلا.ليس هذا فحسب فالقناة الثانية كانت قد أعدت سلفا وبمناسبة هذا الشهر مسلسلا أصبح المغاربة لا يحتملون سماع اسمه إنه مسلسل كلنا جيران الذي بقيت القناة حبيسة له دون أي تغيير منذ سنوات مع تغيير عفوا في الأحرف الأولى للاسم من "حنا إلى كلنا" لتعاد نفس المسرحيات الهزلية التي يراد من خلالها تمويه الجمهور المغربي بأن إعلامنا يواكب المتغيرات وأنه بخير معتقدين أن الشعب المغربي بعيد عن فهم مخططاتهم الممنهجة.
أما قناتنا الأولى القلب النابض للمخزن ولتمرير أفكاره وخططه الجهنمية، يبدو أنها تعاني من أزمة خانقة اليوم خاصة وأنها لا تجد ما تقدمه لجمهورها الذي هجرها وطلقها طلاقا ثلاثا، لتبقى وحيدة تتخبط في أزمتها بشهادة العاملين بالقناة أنفسهم،فالقناة بدورها تتحف جمهورها الذي لا يتعدى العاملين بها بل هؤلاء أنفسهم ربما تجدهم يلجأون إلى قنوات إعلامية أخرى بديلا عما يقدمونه من داخل هذه القناة والتي تبين مؤخرا أنها وصلت إلى الطريق المسدود وأصبحت تئن من التشرذمات التي وقعت في صفوفها حيث كشفت بعض العاملات بالقناة عبر اليوتوب أن القناة في مفترق الطرق ،بالرغم من المحاولات التي تحاول تلميع صورة القناة أمام الشعب المغربي.أما المغربية التي كان الشعب المغربي ينتظر ان تكون إعلاما حضاريا يستجيب لذوق المشاهد أصبحت هي الأخرى بوقا من أبواق النظام التي تخدم مصالحه دون الاكتراث بالجمهور ،لتكون بذلك قد دخلت زمرة القنوات التي هدفها العمل تحت شعار"غرضنا إسكاتكم و إفسادكم"
 غير بعيد عن البرامج التثقيفية وعن الدور التعليمي للقنوات والفضائيات التي تسعى إلى تحقيقه، والعمل به من اجل الرقي بفكر المجتمع إلى ما هو أفضل،يسعى إعلامنا المغربي إلى الضحك على الذقون واللعب بمشاعر لمواطنين والعبث بها، لتكون بذلك قد أعلنت حربا وبلا هوادة على أخلاقهم وثقافتهم الأصيلة .فقنواتنا الإعدامية عودت الشعب المغربي على الكذب والتعتيم وتزوير الحقائق والتطبيل للنظام وأذنابه،معلنة أنها النموذج الأمثل لإعلام الهادف ،متجاهلة زمن الثورة الإعلامية التي حدثت في العالم ،وزمن تعدد المنابر الإعلامية التي جعلت المواطن المغربي يعزف عن مشاهدة قنواته الإعلامية والتي لا يعود إليها إلا إذا أراد معرفة حالة الطقس أو آذان المغرب في شهر رمضان.
إذن القصة واضحة ومفهومة لا تحتاج للتفسير ولا للتأويل وإنما هي أسطوانة يراد من خلالها للشعب المغربي أن يعتقد أن ما يراه من إعلام في بلده هو إعلام هادف ،وأن ما يشاهده من برامج وأعمال هي في صلب التطلعات،دون وعي منها أن هذا الشعب الذي يتهم بالغباء في كل المناسبات لم يعد يتحمل فتح تلك المهزلات في منزله ومستعد لمقاطعتها دون رجعة.  




0 تعليق على موضوع "ماذا عن قنواتنا الإعدامية"


الإبتساماتإخفاء